دور الطاقة النووية في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في المنطقة بشكل مستدام

تتجه الأنظار في المنطقة مؤخراً نحو الطاقة النووية للتنويع في مصادر الطاقة والحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري لاسيما في ظل الطلب المتزايد على الكهرباء في المنطقة. وتدرك دولة الإمارات أن الطاقة النووية قد تكون جزء أساسي في الحد من استخدام غاز الكربون، حيث نصت خطة الطاقة التي وضعتها الدولة في يناير 2017 على استثمار ما قيمته 163 مليار دولار أمريكي لتحقيق نصف أهدافها التي ترتكز على الطاقة النووية والطاقة المتجددة بحلول عام 2050.

وفي جامعة خليفة، تستعد في الوقت الحالي للاتجاه نحو الطاقة النووية في دولة الإمارات، حيث يقوم قسم الهندسة النووية على الابتكار في مجال التعليم والبحوث المتعلقة بهندسة الطاقة النووية بهدف إعداد خريجين مؤهلين للمساهمة في تعزيز القطاعات الأكاديمية والصناعية وبالتالي المساهمة في خدمة المجتمع بشكل عام.

وقد أدى التنوع في مصادر الطاقة، في ظل التركيز العالمي على مسألة تغير المناخ، إلى تسليط الضوء على الطاقة النووية، حيث تتجه الأنظار في أبوظبي إلى استكمال أول وحدة للطاقة النووية في محطة براكة للطاقة النووية.

وقد قامت دولة الإمارات في عام 2016 بإنتاج 130 تيراواط من الكهرباء بالاعتماد على الوقود الأحفوري. ومن جهة أخرى، تعتمد الدولة بشكل كلي على توليد الطاقة الكهربائية للاستفادة من طاقتها، حيث تقوم من خلال الطاقة الحرارية والطاقة الكهربائية بتحلية المياه وتنقيتها. ويُتوقع من وحدات الطاقة النووية الأربع في محطة براكة إنتاج ما تصل نسبته إلى %25 من الطاقة الكهربائية في دولة الإمارات وبتكلفة اقتصادية، إضافة لتعزيز انتقال الدولة إلى تكنولوجيات تحلية المياه بالاستعانة بالطاقة الكهربائية الخالية من الانبعاثات.

وفي هذا الصدد، قام وزير الطاقة والصناعة بافتتاح مركز الإمارات للتكنولوجيا النووية في حرم جامعة خليفة في ساس النخل في نوفمبر 2019 والذي يعد مركزاً ابتكارياً متخصصاً في مجال تكنولوجيات الطاقة النووية السلمية يهدف إلى تعزيز الاستدامة طويلة الأمد لبرنامج الطاقة النووية السلمية في الدولة.

وتُعرَف الطاقة النووية بأنها صناعة ناضجة تتميز بكونها آمنة ويمكن استخدامها دون انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، كما يمكن الاستفادة منها في توليد الطاقة. ويعد اهتمام دول الخليج بالطاقة النووية لتلبية الحاجات إلى الكهرباء وتحلية مياه البحر في المستقبل أمراً منطقياً وقد ظهر في الوقت المناسب خاصة في ضوء توفر القدرة الكافية على تمويل عمليات توليد الطاقة بطريقة آمنة وفعالة.

ويتطلب تأسيس محطات الطاقة النووية تكاليف أولية أعلى من المحطات التي تعتمد على الفحم والغاز، ولكن في الوقت نفسه توفر الطاقة النووية طاقة كهربائية بتكلفة اقتصادية أقل، إضافة لقلة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وإمكانية الاستفادة منها لفترة طويلة المدى تتعدى الفترة الزمنية التي تتطلبها محطات الوقود الأحفوري التقليدية.

وفي السياق، سيركز مركز الإمارات للتكنولوجيا النووية على ثلاثة مجالات تشمل أنظمة الأمن النووي وعلوم وكيمياء المواد النووية والسلامة الإشعاعية، حيث سيعزز المركز مكانة دولة الإمارات كنموذج يُحتذى به دولياً لما تقوم به من جهود في تطوير المشاريع التي تركز على تكنولوجيا الطاقة النووية السلمية حول العالم، والذي يتطلب المواصلة في الابتكار والتطوير في مجال بحوث التكنولوجيا النووية في مختلف القطاعات لتحقيق الاستدامة وضمان تحول الدولة إلى الاقتصاد المبني على المعرفة.

وقد تم عرض نموذج مصغر لأحد المفاعلات النووية الأربعة المتقدمة والتي تعمل بالمياه المضغوطة في محطة براكة في حرم جامعة خليفة الرئيس لتوضيح العمليات الأساسية التي تجري داخل محطات الطاقة النووية بشكل معمق للطلبة والزائرين.

ويعتبر مفاعل المياه المضغوطة المفاعل الأكثر شيوعاً واستخداماً في محطات الطاقة النووية في العالم.

ويسعى مركز الإمارات للتكنولوجيا النووية إلى المشاركة في المشاريع البحثية المصممة والمعتمدة من قبل مجلس الإدارة العليا في المركز والتي تم إجراؤها على أيدي طلبة وأكاديميي جامعة خليفة وباحثيها، كما ولا زالت المشاريع في الوقت الحالي قيد البحث في مجال علوم المواد النووية وتصميم المفاعل وتحليله والأجهزة والتحكم والإدارة البيئية وإدارة المخلفات والوقاية والأمن النووي. يساهم البحث في دعم برامج التكنولوجيا النووية في الدولة بهدف تلبية جميع متطلباتها المستقبلية للتكنولوجيا النووية في العديد من القطاعات.

يذكر أنه تم استكمال محطة براكة للطاقة النووية بنسبة %93، حيث حصلت على رخصة للبدء في عملياتها في الوحدة الأولى في فبراير 2020 وتم تحميل الوقود في مارس، في حين لا يزال توليد أول طاقة كهربائية نظيفة وآمنة على مدار 24 ساعة طيلة أيام الأسبوع قيد الإجراء.