تحويل المواد الضارة الناتجة عن الوقود الأحفوري إلى طاقة نظيفة

يعتبر الاعتماد المتواصل على الوقود الأحفوري في إنتاج الطاقة حلاً غير مستدام، خاصة في ظل الطلب المتزايد على الطاقة الناجم عن التطور الصناعي وزيادة النمو السكاني العالمي. ويؤدي استخدام الطاقة الناجمة عن احتراق الوقود الأحفوري إلى زيادة نسبة انبعاث الغازات الضارة المسببة لمشكلة الاحتباس الحراري، كما يؤدي إلى مشكلات أمن الطاقة والتي تتمثل بعدم استقرار أسعار النفط والفحم والغاز الطبيعي.

وفي جامعة خليفة، تم الاستفادة من كبريتيد الهيدروجين الضار، أحد المخلفات الناتجة عن صناعات النفط والغاز في دولة الإمارات، في توليد الطاقة بطريقة نظيفة ومستدامة، حيث قام خريج برنامج الدكتوراه حبيب الله أولاديبو، وبإشراف كل من الدكتور جيوفاني بالميزانو والدكتور خالد العلي، بالبحث عن أفضل الطرق لإنتاج الهيدروجين من كبريتيد الهيدروجين من خلال تحرير عنصر الهيدروجين، والذي يعتبر مصدراً للوقود خالية الانبعاثات، من كبريتيد الهيدروجين. وبذلك، تصبح المادة السامة غير ضارة، إضافة للاستفادة من من الهيدروجين الحر في خلايا الوقود ومحطات توليد الطاقة للحصول على طاقة كهربائية نظيفة.

وتعتبر عملية فصل الهيدروجين صعبة، حيث تحتاج إلى كمية كبيرة من الطاقة ومواد ذات تكلفة مرتفعة، كما أن تقنيات الفصل المتوفرة في الوقت الحالي محدودة ومكلفة أيضاً.

وفي هذا الإطار، طور حبيب الله نموذجاً للتنبؤ بإمكانية وقف عمل مادة ثاني أكسيد التيتانيوم المحفزة واختيار الظروف العملية الملائمة لتجنب ذلك، كما تمكن من إثبات صحة بحثه وتم نشره مؤخراً في المجلة العلمية "أبلايد كاتاليسيس بي: إنفايرومنتال".

وقال حبيب الله: "أدى الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى زيادة كبيرة في كمية الغازات المنبعثة والمسببة للاحتباس الحراري. لذلك، يجب البحث عن مصادر بديلة للطاقة خاصة في ظل الطلب العالمي المتزايد عليها. وقد يكون إنتاج الهيدروجين المستدام بديلاً مناسباً بفضل قيمته الطاقية المرتفعة ولكونه آمناً على البيئة عند احتراقه".

وفي الوقت الحالي، تجري جامعة خليفة بحثاً في غاية الأهمية يركز على رفد العالم بالطاقة التي تعتمد على الهيدروجين، حيث سيدور البحث بشكل خاص على عملية التحفيز الضوئي، والتي تساهم في تسريع التفاعل الكيميائي باستخدام الضوء المحفز بهدف التوصل إلى الطريقة الأكثر فعالية لفصل الهيدروجين عن المركبات التي تشمل المياه وكبريتيد الهيدروجين. وفي عملية التحفيز الضوئي التقليدية، يتم تعريض المحفز الضوئي المكون من أشباه الموصلات إلى أشعة ضوئية طويلة الموجة ذات طاقة أكبر من نطاقها، فتتولد الإلكترونات مسببة تفاعل الأكسدة المسؤول عن إطلاق عنصر الهيدروجين.

ولقد أصبحت التطبيقات العملية للتحفيز الضوئي ممكنة نتيجة لاكتشاف التحليل الكهربائي للماء، أي عملية فصل الماء باستخدام ثاني أكسيد التيتانيوم، والذي يعتبر مادة مستقرة وأكسيد معدني غير سام يمكن استخدامه في التحليل الضوئي الكهروكيميائي للماء عند اتصاله بأقطاب بلاتينية.

وأضاف حبيب الله: "إذا قارنا المحفزات الضوئية بثاني أكسيد التيتانيوم، نجد أن ثاني أكسيد التيتانيوم يتميز بمجموعة عديدة من الإيجابيات كالقصور الكيميائي والاستقرار الضوئي والتكلفة الاقتصادية وسهولة تحضيره".

ويقوم ثاني أكسيد التيتانيوم بإنتاج الهيدروجين بطريقة نظيفة وفعالة، وهو بديل مثالي لعمليات إصلاح الغاز الطبيعي والتحويل إلى غاز من أجل إنتاج الهيدروجين. ولتعزيز عملية إنتاج الهيدروجين وزيادة فعاليتها، يمكن إضافة أحد المعادن النبيلة لرفع مستوى النشاط الضوئي، ومن هذه المعادن الذهب أو البلاتينيوم.

وقال حبيب الله: "من أكثر التقنيات شيوعاً والمستخدمة في مجال الصناعات المتعلقة باستخراج كبريتيد الهيدروجين من الغاز الطبيعي هي استخدام محلول قلوي. يركز بحثي على إنتاج الهيدروجين بالاعتماد على تقنية التحفيز الضوئي، ليتم بعد ذلك امتصاص كبريتيد الهيدروجين داخل محلول هيدروكسيد الصوديوم المائي".

وبين البحث الذي قام به حبيب الله أنه وفي ظل ظروف تفاعلية معينة، يمكن إنتاج الهيدروجين بتقنية التحفيز الضوئي من كبريتيد الهيدروجين بفعالية عند الاستعانة بمحفز بلاتيني مصحوباً بمادة ثاني أكسيد التيتانيوم، ما يجعل هذه الطريقة أكثر استدامة من الطرق الأخرى.

يذكر أنه تم إجراء العديد من التجارب في هذا المجال والتي قادت للنتيجة التي مفادها أن آلية التفاعل تتطلب أيونات كبريتيدية، كونها تساهم في تحسين ظروف التفاعل وتطوير المفاعلات التجريبية في المستقبل لإنتاج الهيدروجين بتقنية التحفيز الضوئي من غاز كبريتيد الهيدروجين.