الكشف عن الكويكبات القريبة من كوكب الأرض لتفادي اصطدامها

نشرت الدكتورة إيلينا فانتينو، الأستاذة المساعدة في هندسة الطيران والفضاء في جامعة خليفة، مقالاً علمياً حول علم الفلك والفيزياء الفلكية والذي يعزز بحثها في عملية حساب أقل مسافة تقاطع مدارية للأجرام السماوية حول كوكب الأرض. وتأتي عملية الحساب هذه كأول عملية قياس لمعرفة مدى قرب كوكب الأرض من الكويكبات الأخرى، كما تعتبر الخطوة الأولى في التنبؤ بإمكانية حدوث أي تصادم بين الكويكبات.

وتمثل مسألة تفادي تصادم الكويكبات مجالاً دراسياً جديراً بالبحث والاهتمام، فقد يسبب تصادم الكويكبات أعاصير تسونامي القوية وعواصف نارية وغبار وحطامات أخرى تنتشر في الغلاف الجوي لتحجب أشعة الشمس. وقد حدث تصادم قبل 66 مليون سنة أدى إلى انقراض طيور الـ "باليوجين" خلال حقبة كريتاسيوس، إضافة لانقراض معظم الديناصورات. ووفقاً لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، فإن الجهود التي تسعى إلى تحويل مسار جرم سماوي واحد تتطلب 5 سنوات تحضيرية على الأقل، حيث يعمل تحويل مسار الكويكب على التأثير في استقراره في المدار بطريقة تبعده عن مسار التصادم مع كوكب الأرض.

وفي السياق، يشكل الجرم السماوي القريب من الأرض خطورة كبيرة على كوكب الأرض سواء كانت تلك الأجسام كويكبات أم مذنبات، حيث من المحتمل أن تسبب دماراً في حال حدوث تصادم.

وفي علم الفلك، تُعرف أقل مسافة تقاطع مداري على أنها المسافة بين أقرب نقطة لجسمين في المدارات، وتعتبر هذه المسافة في غاية الأهمية في مجال تقييم خطورة التصادم مع الأرض. وقد تم تصنيف المدارات إلى مدارين، وهما المدار الرئيسي والمدار الثانوي، حيث أن المدار الثانوي هو المدار المواجه للمدار الرئيسي، ووجود مجموعة من المدارات الثانوية يعني أن هناك عدد كبير من الأجسام التي قد تتصادم مع المدار الرئيسي، ومن خلال حساب أقل مسافة تقاطع مدارية وزمنها الرياضي يمكن الحد من أثر الخطر المحتمل وقوعه في المستقبل.

وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة إيلينا: "يُستخدم قياس أقل مسافة تقاطع مدارية في تقييم المسافة المحتملة بين الأجسام الفلكية وتحديد إمكانية حدوث خطر ناتج عن تصادمها. وقد تم اقتراح العديد من الطرق لحساب تلك المسافة، في حين يعرض بحثنا طريقتين لحسابها".

ويعد حساب أقل مسافة تقاطع مدارية طريقة قديمة، إلا أنها من أهم المسائل التي لا بد من التطرق لها بشكل مستمر، حيث أن فرص حدوث تصادم كوكب الأرض مع جسم سماوي قريب منه ضعيفة على المدى القريب، إلا أن التصادم سيحدث لا محالة.

وأضافت الدكتورة إيلينا: "نحتاج إلى حل سريع ودقيق لحساب المسافة المدارية لأن طرق الحساب الحالية قديمة جداً. واليوم، تُستخدم طريقة حساب المسافة المدارية لإبعاد الأجسام بشكل مؤقت عن احتمالية التصادم مع المركبات الفضائية أو للتنبؤ بحدوث أي تقارب للكويكبات والمذنبات مع الكواكب، خاصة كوكب الأرض والمريخ والمشتري".

وقالت الدكتورة إيلينا: "يتطلب حساب أقل مسافة تقاطع مدارية مدارين كبلريين ممثلين بعناصرهما المدارية والتي تتغير بمرور الزمن نتيجة الاضطرابات المدارية".

ويُعرف الاضطراب المداري على أنه حركة الجسم عند تعرضه للعديد من القوى، بما في ذلك قوة الجاذبية التي يتعرض لها من جسم ضخم آخر. ومثال ذلك، تأثير الشمس على القمر. وقد تشمل تلك القوى أيضاً جسم ثان أو ثالث أو رابع ..إلخ، أو مقاومة من الغلاف الجوي، وغيرها.

وقالت الدكتورة إيلينا: "يعتمد حساب أقل مسافة مدارية على الوقت، ويعزى ذلك إلى التطور الزمني للعناصر المدارية. لذلك، يعتبر فهم المسافة المدارية ضمن أطر زمنية طويلة أمراً هاماً في تقييم خطر التصادم. ففي حالة المذنبات على سبيل المثال، يتيح لنا حساب أقل مسافة تقاطع مدارية في تقييم خطر التصادم المحتمل مع كوكب الأرض بشكل أفضل".

وتؤثر السرعة في تقييم الجسم في الاستجابة للخطر المحتمل، فكلما زادت سرعة التقييم كانت الاستجابة في اتخاذ الإجراء اللازم أسرع في حالة التصادم مع الأرض، كما تساهم السرعة في التعرف على الأجسام المدارية القريبة من كوكب الأرض والتي تؤثر في استقرار الكواكب، محدثةً تغيير في مداراتها.

وقالت الدكتورة إيلينا: "يقوم حساب أقل مسافة للتقاطع المداري على العديد من الطرق الرقمية. ومؤخراً، تم تطوير طرق خوارزمية وطرق هجينة والتي تتضمن الطريقة التي تعتمد على مجموعة الديناميكيات الفضائية لأقل مسافة تقاطع مدارية".

وقد تم تطوير مجموعة الديناميكيات الفضائية لأقل مسافة تقاطع مدارية من قبل مجموعة الديناميكيات الفضائية في الجامعة التقنية في مدريد، وهي طريقة رقمية سريعة ودقيقة تقوم على خوارزميتين، حيث تقوم الخوارزمية الأولى على تحديد المسافة بين نقطة معينة والاهليلج في مساحة ثلاثية الأبعاد، في حين تقوم الخوارزمية الثانية على حساب أقل مسافة بين بؤرتي إهليلجيين. وفي هذا الإطار، استعانت الدكتورة إيلينا في بحثها بهذه الطريقة مع التطوير عليها بإضافة سلسلة من العمليات الرياضية في الخوارزمية الأولى.

وقالت الدكتورة إيلينا: "لقد قمنا باختبار سلسلة العمليات الحسابية التي أضفناها على الخوارزمية الأولى لحساب السرعة والدقة في الاستجابة. ونسعى في الوقت الحالي إلى تطوير الخوارزمية الثانية لتعزيز مستوى الدقة".

يذكر أن الطريقة التي اتبعتها الدكتورة إيلينا في حساب أقل مسافة تقاطع مدارية شهدت سرعة في حساب الزمن تساوي %40 دون التأثير على مستوى الدقة، والذي يجعل من هذه الطريقة الخيار الأفضل لجميع التطبيقات التي تتطلب السرعة والدقة في حساب أقل مسافة تقاطع مدارية.