باحثون في جامعة خليفة يكشفون عن نتائج جديدة بعد دراسة ظاهرة التكاثف

تعتمد فعالية ألواح الطاقة الشمسية على كمية أشعة الشمس التي تصل إليها والتي يتم تحويلها فيما بعد إلى طاقة كهربائية، حيث تؤثر درجة الحرارة في تلك الألواح على أدائها. وعلى عكس الألواح الشمسية التي تحتاج إلى درجات حرارة مرتفعة جداً للقيام بوظائفها، فإن مجمِّعات الطاقة الشمسية الحرارية أو ما يعرف بـ (طلاء امتصاص الطاقة الشمسية) تقوم بجمع الطاقة الحرارية من خلال امتصاص أشعة الشمس.

ويمكن لأجهزة امتصاص الطاقة الشمسية أن تتحمل درجات الحرارة المرتفعة جداً عند استخدامها في التطبيقات كتلك المستخدمة في توليد الطاقة، فهي مصممة لذلك وعلى خلاف العديد من الألواح الشمسية التقليدية. ويُستخدم طلاء الطاقة الشمسية في تعزيز دور مجمِّعات الطاقة الشمسية لإنتاج أكبر قدر ممكن من الطاقة الحرارية، حيث يحتاج الطلاء إلى تحمل درجات الحرارة المرتفعة خاصة في التطبيقات المتعلقة بالطاقة الشمسية المركزة، فكلما ارتفعت درجة الحرارة زادت كفاءة عملية توليد الطاقة.

وفي هذا الصدد، طور فريق باحثي جامعة خليفة وبإشراف الدكتور تيجون زانغ، الأستاذ المشارك في الهندسة الميكانيكية، طلاء جديد يعمل في درجات حرارة مرتفعة جداً تتراوح من 777 درجة سيلسيوس إلى 1050 كلفن.

ومن جانبه، قال الدكتور تيجون: "كلما زادت كفاءة الطلاء الماص للطاقة الشمسية كان إنتاج مجمِّعات الطاقة أكبر، حيث يتطلب تحويل الطاقة الشمسية الحرارية الفعال ماصات حرارية قادرة على الاستفادة من ضوء الشمس بشكل تام وانبعاث حراري قليل جداً، إضافة للمحافظة على استقرارها الهيكلي. وفي هذا الإطار، قام فريقنا البحثي بصنع مكونات نانوية حديثة مقاومة للحرارة تعمل تحت درجات حرارة مرتفعة جداً والذي يؤهلها للاستخدام في التطبيقات الأرضية والفضائية".

وقام الدكتور تيجون وفريقه بنشر ورقة بحثية في المجلة العلمية "أدفانسد أوبتيكال ماتيريالز" والتي تتمحور حول كفاءة المكونات النانوية الشمسية التي طوروها، كما تم تسجيل براءة اختراع لهذه التكنولوجيا الحديثة. وضم الفريق البحثي أيضاً العالمة البحثية الدكتورة عاكفة رازا وطالبة الدكتوراه عفراء الكتبي والدكتور راجاكومار ديفاربالي والدكتور هونغزيا لي زميلي الدكتوراه في قسم الهندسة الميكانيكية في جامعة خليفة. وقدم كل من مختبر الابتكار للذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة، المشروع المشترك بين (علي بابا كلاود) وجامعة خليفة، وجائزة أبوظبي للتميز البحثي الدعم المالي لهذا المشروع البحثي.

وتساهم درجات الحرارة المرتفعة في التطبيقات الصناعية والتجارية المستمدة من الطاقة الشمسية المركزة في الحد من التكلفة الاقتصادية التي تسببها الطاقة الكهربائية، حيث من المفضل استخدام درجات الحرارة التي تتجاوز 600 درجة سلسيوسية في الأنظمة الحديثة.

ويعتبر الاستقرار الحراري في درجات الحرارة المرتفعة من أهم المعايير التي تميز الطلاء الحراري الشمسي، إضافة لقدرته على امتصاص أكبر قدر من الإشعاع الشمسي بشكل يمنع عملية الأكسدة والتي تؤدي إلى تحلله.

ويتكون الطلاء الشمسي من مواد مختلفة تشمل مادة السيرميت (وهي مادة مكونة من السيراميك والمعدن)، إلا أن عملية تصنيعها وعدم مقاومتها للأكسدة واحتفاظها بالأشعة فوق الحمراء حالت دون استخدامه في التطبيقات الحياتية.

وفي هذا الإطار، طور فريق الدكتور تيجون مادة نانوية رقيقة قادرة على امتصاص الطاقة الشمسية، وذلك باستخدام كربيد السيليكون المحتوي على كتل نانونية من مسحوق التنغستن والذي يتمتع بخصائص تعزز عملية امتصاص الضوء على نطاق واسع ومن جميع الاتجاهات. وعلى الرغم من أن سمك هذه المادة أقل من 100 نانومتر، إلا أنها قادرة على امتصاص الأشعة على اختلافها بدءاً من الأشعة فوق البنفسجية وصولاً إلى الأشعة الضوئية المرئية، حيث تقوم بامتصاص ما نسبته %95.45 من الأشعة التي تصلها.

وقالت الدكتورة رازا: "قمنا بتطوير مادة طلائية شمسية ذات تكلفة اقتصادية منخفضة باستخدام مواد نانوية مقاومة للتحلل مكونة من كربيد السيليكون والتنغستين. ويكمن هدفنا الرئيس في التقاط أكبر قدر ممكن من الطاقة الشمسية والذي يتطلب أمرين وهما امتصاص أكبر قدر ممكن من الطاقة الشمسية وعدم عكسها، وفي المادة التي طورناها تصل نسبة الانبعاث الحراري إلى أقل من %5.

وقال الدكتور تيجون: "يحظى الطلاء الذي طورناه بمزايا عديدة تتمثل باستقراره الحراري ومقاومته للأكسدة وامتصاصه الفعال للطاقة الشمسية وهذا ما يميزه عن بقية الطلاءات التقليدية الأخرى".

وتتعدد استخدامات المادة التي تم تطويرها، فإلى جانب قدرتها على توليد الطاقة الشمسية المركزة تدخل المواد النانوية في الأنظمة الحرارية الشمسية كسخانات المياه الشمسية والأنظمة الحرارية الكهروضوئية الشمسية والمحفزات الحرارية الكيميائية. وتمتاز المواد النانوية أيضاّ بكونها اقتصادية وغير مكلفة خاصة في التطبيقات الصناعية، إضافة لخفة وزنها والذي يؤهلها للاستخدام في مجال التطبيقات المرتبطة بالمركبات الفضائية.

وقالت عفراء الكتبي: "أفخر بهذا المشروع البحثي الذي تم إنجازه كاملاً في جامعة خليفة، حيث سيساهم في تحفيز الطلبة على الابتكار في مجال الطاقة الشمسية والتنمية المستدامة التي تتطلبها المنطقة".