الكشف عن الجين المسؤول عن البدانة لدى الإماراتيين

تُصنف دولة الإمارات ضمن الدول الأعلى في معدلات البدانة على مستوى العالم، حيث يرتفع معدل البدانة في الدولة للذكور تحت سن ثلاثين عاماً ليصل إلى %70، وذلك وفقاً للدراسة الحديثة التي أجريت في هذا الشأن.

ويقوم باحثون من جامعة خليفة في الوقت الحالي بالبحث عن طريقة للحد من ارتفاع معدلات البدانة بين السكان في دولة الإمارات، من خلال دراسة الجينات التي قد تكون مسببة لها وإيجاد الحلول التي من الممكن أن تحد من أثرها.

وفي هذا الصدد، يبحث كل من الدكتور عبدالرحيم ساجيني، الأستاذ المساعد في الهندسة الطبية الحيوية وطالبة الدكتوراه سارة عزام، عن الطريقة التي قد تثبت حقيقة أن تكون المادة الوراثية (آر أن إيه) هي المسببة للبدانة لدى الإماراتيين على وجه الخصوص، والكيفية التي يمكن بها الحد من تأثيرها، حيث يقوم كل منهما بإنشاء نموذج يساهم في تحديد خصائص الـ (آر أن إيه) والتي تسبب زيادة في إنتاج الخلايا التي تعمل على تخزين الدهون أو مايسمى بـ (الخلايا الشحمية).

وتعتبر المادة الوراثية (آر أن إيه) مسؤولة عن تشفير الجينات داخل المادة الوراثية (دي إن إيه) وفك تشفيرها وتنظيمها والتحكم بها لإنتاج البروتينات، كما تم التوصل مؤخراً إلى حقيقة تثبت أن (آر إن إيه) يتفاعل مع العديد من المعدِّلات داخل خلايا الجسم والذي يؤثر في نسخ الجين، ويطلق على هذه العملية اسم "ترانسكريبتوم".

وقد بدأ الاهتمام في البحوث المتعلقة بتأثير الـ"ترانسكريبتوم" وأثره على طريقة نسخ الجينات يزداد بشكل كبير خاصة في مجال إنتاج الخلايا الدهنية وتكون الشحوم أو ما يعرف بـ"أديبوجنيسيس"، وهي الحالة التي يتم من خلالها إنتاج أنواع مختلفة من الخلايا الشحمية وفقاً لنوع الجينات المستنسخة في الخلية. ونظراً لأهمية الدور الذي تحظى به عوامل النسخ في عملية تكون الخلايا الشحمية، تركز جامعة خليفة على إجراء مشروع بحثي في هذا المجال.

ويعتمد بحث جامعة خليفة على استخدام الخلايا الجسدية، والتي تشمل جميع خلايا الإنسان باستثناء الخلايا التناسلية، حيث يتم تحويل تلك الخلايا إلى خلايا جذعية محفزة والتي يمكن الحصول عليها بشكل مباشر من أنسجة الإنسان.

ومن جانبها، قالت الطالبة سارة: "نسعى لتحقيق فهم أعمق للأسباب الجينية المؤدية إلى البدانة من خلال إعادة برمجة بعض الخلايا لدى الإماراتيين وتحويلها إلى خلايا جذعية محفزة بغية نمذجة الأمراض. وتشترك خلايا الإنسان الجذعية المحفزة مع الخلايا الجذعية الجينية في قدرتهما على تكوين خلايا جديدة بمختلف أنواعها في جسم الإنسان كالخلايا العصبية والعضلية والجلدية. وتكمن فكرة المشروع البحثي في إعادة برمجة الخلايا الجسدية المسؤولة عن البدانة وتحويلها إلى خلايا جذعية محفزة لإعادة نمذجة عملية تكوين الخلايا الشحمية داخل المختبر بالاعتماد على العوامل الوراثية عند الإماراتيين".

ومن خلال هذه الخلايا، يمكن لباحثي جامعة خليفة دراسة العديد من الطرق التي تساهم في إعادة نمذجة عملية تكون الخلايا الشحمية لدى الأفراد المعرضين للبدانة، فعندما يتم التأكد من توفر مجموعة المواصفات في الفرد المعني وارتباطها بشكل مباشر بعمليات نسخ الحمض النووي الريبوزي (آر إن إيه)، يبدأ البحث عن الخلايا المسؤولة عن وجود تلك المواصفات.

من جهته، قال الدكتور عبدالرحيم: "نسعى إلى دراسة الجزيئات الحيوية الصغيرة وهندستها للحد من مخاطر انتشار البدانة لدى الإماراتيين، حيث حققنا نجاحاً باهراً في إعادة برمجة الخلايا الجسدية إلى خلايا جذعية محفزة، ونهدف في الوقت الحالي إلى إعادة تشفير عملية الـ "ترانسكريبتوم" والتأثير في دورها المتسبب بالبدانة".

يذكر أن هذا المشروع البحثي الرائد سيساهم في النهوض بعملية الفهم الشامل لدور الـ"ترانسكريبتوم" في البدانة، كما سيقرب الباحثين من إيجاد الحلول العلاجية لمشكلة البدانة عند الإماراتيين.