التواصل مع الدماغ: مشروع طلبة السنة الأولى في دعم الأشخاص ذو ي الإعاقة الحركية

تعتبر الإعاقة الحركية الكاملة حالة صحية خطرة تهدد حياة ما يقارب 5.4 مليون شخص في العالم، كما تشكل مشكلة يكاد يستحيل معها النطق بالنسبة للأشخاص الذين يعانون منها والذي يحد من شعورهم بالرضا تجاه أنفسهم.

وللتغلب على هذا العجز النطقي، يمكن الدخول إلى الموجات الدماغية لدى أحد الأشخاص المصابين بالإعاقة الحركية وترجمة تلك الإشارات إلى كلام. وفي هذا الصدد، قامت مجموعة من طلبة البكالوريوس في جامعة خليفة باكتشاف طريقة جديدة يمكن من خلالها ترجمة الموجات الدماغية إلى كلام باستخدام الأنظمة الذكية، لا سيما تقنيات التعلم العميق.

وفي إطار تصميم مشروعهم البحثي للسنة الأولى، قام مجموعة من طلبة قسم الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر في جامعة خليفة بتطوير نظام تحكم في التخطيط الكهربائي للدماغ للأشخاص من ذوي الإعاقات بهدف تسهيل عملية التواصل مع الآخرين. وأشرف كل من الدكتور كِن بون، باحث رئيس في مركز الإمارات للابتكار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات "إبتيك" والدكتور ليونتيوس هادجيليونتياديس، أستاذ في الهندسة الكهربائية وهندسة الكمبيوتر ورئيس قسم الهندسة الطبية الحيوية بالإنابة، على مجموعة الطلبة الذين عملوا على المشروع وهم، أحمد الكثيري ومحمد النعيمي وسيف الشحي وأحمد الزعابي.

من جانبه قال الطالب أحمد الزعابي: "يعاني المرضى المصابون بالشلل الكامل من تحديات يومية، ويهدف هذا المشروع إلى تسهيل تلك التحديات، حيث يعتمد مشروعنا على الإشارات التي يتم تحليلها في نظام تخطيط الدماغ الكهربائي من خلال أداة تحكم تربط بين الدماغ وجهاز الكمبيوتر بحيث تتيح للمصابين بالشلل الحركي إمكانية التواصل مع الآخرين بالشكل المطلوب".

وتكمن وظيفة نظام تخطيط الدماغ الكهربائي في عرض الأنشطة الكهربائية التي يقوم بها الدماغ والتي تتمثل في الإشارات التي يتم التقاطها عندما يبدأ الفرد بالتفكير أثناء ارتدائه لسماعات النظام والمكونة من أقطاب كهربائية، حيث يتم تحليل تلك الإشارات باستخدام تقنيات التعلم العميق والتي تُعرف باسم (الشبكات العصبية الاصطناعية). وفي هذا المشروع، تم استخدام أحد أنواع تقنية الشبكات العصبية الاصطناعية وهو الشبكات العصبية التحويلية، وهي صف من الشبكات العصبية تُستخدم في التعرف على الصور نظراً لكفاءتها في معالجة البيانات الدقيقة.

وتقوم الشبكة العصبية التحويلية بمعالجة البيانات من خلال المعلومات التي تم الحصول عليها عبر السماعات والتي تُحوَّل إلى صور، حيث تشكل الإشارات في نظام تخطيط الدماغ موجات معينة يتم تسجيلها وتحويلها فيما بعد إلى طيف. ويظهر للشخص الذي يرتدي السماعة مجموعة من الحروف التي تضيء عند وجود موجات معينة أو عشوائية تعرف بـ (بي 300) والتي يتم تسجيلها عندما يختارها مرتدي السماعات.

وقال الطالب محمد النعيمي: "وجدنا، ومن خلال بحثنا، أن هذه الفكرة قد طُبقت من قبل ولكن قمنا بدراسة وبحث كيفية تطويرها، حيث نسعى لتطويرها من خلال وصلة تربط بين الدماغ والنظام تتميز بسهولتها في الاستخدام، لا سيما في استخدام اللغة العربية وقدرتها في تنبؤ الكلمات بفعالية تامة".

وقد صمم الطلبة شبكة من الصفوف التي تضيء كل ثانية بشكل عشوائي، فعندما تضيء تلك الصفوف والمحتوية على الحرف المراد تظهر إشارة (بي 300). وتواصل الصفوف إضاءتها إلى أن يتم إصدار الحرف الثاني المصحوب بإشارة (بي 300). وبهذه الطريقة، تبدأ الخوارزمية بتنبؤ الكلمة المقصودة.

وفي السياق، يتم تحويل الإشارات إلى طيف في كل ثانية، ليتم فيما بعد وضعها في الشبكة العصبية التحويلية والتي تقوم بدورها بمعالجة البيانات التي تستقبلها وتحديد الحرف الذي تم اختياره من قبل المستخدم.

وقال الطالب سيف الشحي: "نسعى لأن يقوم هذا النظام بعمله في الوقت الفعلي. أي، بمجرد اختيار الحرف يقوم البرنامج باقتراح بعض الكلمات التي تناسب الحروف المختارة لتسهيل عملية إتمام الكلمة المرادة".

ويعتبر التعلم العميق أحد أهم موضوعات بحوث الأنظمة الذكية نظراً لاحتوائه على العديد من التطبيقات الفعالة، حيث يعد تطبيقه المستخدم في التعرف على إشارات موجات الدماغ مجالاً بحثياً جديداً وفعالاً في المستقبل.

وقال الطالب أحمد الخاطري: "يعتبر حجم البيانات أحد أهم التحديات التي واجهتنا في هذا المشروع، حيث نحتاج لتدريب الخوارزمية إلى المزيد من البيانات للحصول على نتائج أكثر دقة ويستغرق ذلك الكثير من الوقت. إضافة لذلك، يحظى الجهاز المستخدم في النظام بمعدل دقة يصل إلى %65، والذي، وبالرغم من تكلفته الاقتصادية، يشكل تحدياً نتيجة لمحدوديته. وتشمل التحديات الأخرى حجم العينة التي استخدمناها والطاقة المستخدمة في معالجة البيانات".

وأضاف أحمد الخاطري: "يمكننا المساهمة في تعزيز المشروع وتطويره من خلال عدة أمور، حيث يمكن استخدام الخدمات السحابية والتي تتمتع بفعالية حوسبية تحد من الوقت المستهلك في عملية معالجة البيانات وقادرة على تحسين الاداء، إضافة لإتاحة المجال للمستخدمين لإنشاء حساباتهم على شبكة الإنترنت وإيجاد جميع بياناتهم السابقة وإضافة الكلمات المتنبأ بها والتي من شأنها أن تسهل عملية الاستخدام الخاصة بهم، كما يمكننا تحسين الوصلة التي تربط الدماغ بالنظام من خلال منح المستخدمين إمكانية التحكم في خصائصها وفقاً لاحتياجاتهم".