إنتاج المحفزات بمنهجية متطورة

طور فريق من الباحثين بإشراف الدكتور ياسر الواحدي، الأستاذ المساعد في الهندسة الكيميائية في جامعة خليفة وعضو في مركز الفصل والتحفيز والدكتورة جورجيا باسينا، باحثة الدكتوراه في القسم نفسه، طريقة جديدة لصنع المحفزات تتميز بكونها أكثر دقة وفعالية من نظيراتها التقليدية، حيث تحتوي هذه الطريقة المبتكرة على جسيمات نانوية تمت إضافتها إلى مادة مسامية دقيقة، وقد نشر الفريق البحثي هذا المشروع في مجلة "أبلايد كاتاليسيس بي: إنفايرومنتال".

ويُعرف المحفز على أنه مادة تُضاف إلى التفاعل بهدف زيادة معدله دون أن يتم استهلاكه خلال عملية التفاعل، ويقوم بتسريع عملية التفاعل من خلال الحد من الطاقة اللازمة لتنشيطها.

وتوجد المحفزات غير المتجانسة، والتي تستخدم عادةً في صناعات النفط والغاز، بحالة مختلفة تماماً عن المتفاعلات، حيث قد يوجد المحفز بحالة الصلابة والمتفاعلات بحالتي السيولة أو الغاز.

من جانبه، قال الدكتور ياسر: "تعد المحفزات غير المتجانسة هامة جداً في العديد من الصناعات المختلفة والتي تشمل النفط والغاز والصناعات البتروكيمياوية والأدوية. ويضم المحفز غير المتجانس مرحلتين، المرحلة النشطة، والتي تتم فيها عملية التحفيز ومرحلة الدعم، والتي تعزز استقرار المرحلة الأولى".

ومثال ذلك، المحولات المعدنية المحفزة في البنزين والديزل في السيارات والتي تتصل بشكل مباشر بالغازات العادمة المنبعثة عن المركبة لتزيد من معدل التفاعلات وينتج عنها مواد أقل سمية من الملوثات الأخرى الموجودة في الغاز العادم. وتعتبر المحولات المحفزة مثالاً على التحفيز السطحي، حيث يتم امتصاص جزيئات المتفاعلات على سطح صلب قبل تفاعلها مع المحفز. ويزيد معدل تفاعل السطح المحفز بزيادة مساحة سطح المحفز المتصل مع المتفاعلات، ويهدف تصميم الداعم الصلب إلى الحصول على مساحة سطحية كبيرة ذات تركيب مسامي يشبه خلية النحل.

وأضاف الدكتور ياسر: "تتراوح نسبة الهيكل الداعم من %60 إلى %99 من وزن المحفز، ويتركز دوره في استقرار الجسيمات النانوية النشطة. ومن ناحية أخرى، نحتاج إلى زيادة كمية المكونات النشطة في الهيكل لتعزيز أداء التحفيز مع المحافظة على حجم الجسيمات وحالتها الطبيعية".

وتعتمد الطرق التقليدية لإعداد المحفزات أولاً على الهيكل الداعم ومن ثم إضافة المكون النشط من خلال طرق تتضمن تبادل الأيونات وترسيب الأبخرة الكيميائية وعملية الإشباع الكيميائي، وهي طرق تؤدي إلى ضعف انتشار الجزيئات وفقدان التحكم بحجمها.

وقالت الدكتورة جورجيا: "يمكن التغلب على هذه المشكلة بتغليف الجسيمات النانوية بمصفوفة مسامية تحتوي على مادة داعمة لإنتاج الهيكل، ويُطلق على هذه العملية منهجية "أنظمة الجزيئات الكهروميكانيكية النانوية". وتتيح لنا هذه المنهجية تحقيق التحفيز الفعال والذي يتمثل بتطوير محفزات عالية النشاط مع الحفاظ على حجم الجزيئات".

وتتضمن منهجية أنظمة الجزيئات الكهروميكانيكية النانوية إنتاج مادة مسامية داعمة حول الجسيمات النانوية للمكون النشط، حيث تستخدم جسيمات نانوية ذات حجم مناسب لتقوم بدور النواة المركزية ينشأ حولها مصفوفة مسامية من أكسيد السيليكون، كما تعتمد هذه المنهجية على الجزيئات السطحية الفعالية والتي تقوم بإنشاء "تاج" حول الجسيمات النشطة، والذي فيما بعد يتم إزالته بعد نشوء المصفوفة المسامية بهدف إيجاد مساحة فارغة بين المكون النشط والمادة المسامية يتم من خلالها امتصاص متفاعلات التحفيز.

وفي هذا الإطار، قام الفريق البحثي باختبار المحفز من خلال عملية أكسدة كبريتيد الهيدروجين، وهو تفاعل صناعي هام يتم من خلاله أكسدة كبريتيد الهيدروجين السام لإنتاج الكبريت.

وقال الدكتور ياسر: "تتمحور منهجيتنا حول التحديات الموجودة في تصاميم المحفزات التقليدية، حيث تمكنا التحكم الكامل بأشكال وأحجام الجسيمات النانوية النشطة. وقمنا كذلك بالبحث حول هذه المنهجية من خلال تفاعل أكسدة كبيريتيد الهيدروجين ومقارنة النتائج بالدراسات السابقة، وتم التوصل إلى أن المحفزات التي طورناها قادرة على تحقيق تحولات كاملة بفعالية أكبر".

يذكر أن سهولة هذه الطريقة واستقرار وفعالية المحفز الناتج قد تعود بفائدة كبيرة تتمثل بنطاق واسع ومتنوع من التطبيقات في مختلف الصناعات.