يكشف البحث عن تطوير نموذج لإدراج الحافلات الكهربائية ذات البطاريات ضمن الشبكات الحضرية ويراعي تحقيق الاستفادة القُصوى فيما يخص الكُلفة والمرافق والانبعاثات
بحث من جامعة خليفة يركز على مستقبل النقل الحضري مع الحافلات الكهربائية ذات البطاريات

برز استخدام الكهرباء في النقل العام كاستراتيجية رئيسة لمواجهة التحديات في المراكز الحضرية والتي تتمثل في تلوث الهواء والتغير المناخي. وتقع الحافلات الكهربائية ذات البطاريات في صدارة هذا التحول، وتُبشِّر بمستقبل أكثر هدوءًا ونظافة واستدامة لأنظمة النقل داخل المُدُن.

 

وباتت الحافلات الكهربائية ذات البطاريات هي الخيار المفضَّل للنقل الحضري، وذلك لعدم صدور أي انبعاثات منها ولكفاءتها في استهلاك الطاقة وانخفاض التلوث الضوضائي الناجم عنها. 

 

وقد أدرك فريق بحثي، يضم الأستاذ الدكتور إيهاب السعدني، مدير مركز الطاقة الكهربائية والطاقة المتقدمة في جامعة خليفة، التحديات التي تواجه تنفيذ حل للحافلات الكهربائية، فطوَّر نموذجًا عامًا لزيادة الاستفادة من هذه الحافلات بخفض كلفتها، تأثيرها على المرافق وانبعاثات غاز الدفيئة الصادرة منها. ويُحقق هذا النموذج الاستفادة القُصوى من أحجام ومواقع البنية التحتية المُخصَّصة لشحن الحافلات الكهربائية، قدرات البطاريات المتوافرة على متن الحافلات وجداول الشحن، كما يساهم النموذج في جهود البحث المتواصلة لتحقيق التقدم في استخدام الحافلات الكهربائية ذات البطاريات في النقل الحضري. ويقدم النموذج أيضًا مساهمات عديدة في تصميم وجدولة أنظمة الشحن، ونُشرت نتائج البحث في مجلة "اينرجي" الدولية المتخصصة في شؤون الطاقة. 

 

وعلى الرغم من أن الحافلات الكهربائية ذات البطاريات تمثل 4.5% من إجمالي مبيعات الحافلات في عام 2022، إلا إنها لاتزال تواجه عقبات تعرقل مواصلة اعتمادها، خاصة فيما يتعلق بالمدة التي يمكنها أن تستمر خلالها في حالة تشغيل بين نوبات الشحن. وتُعرَف هذه المدة بمعدل توافرها وتقدم فرص الشحن على الطريق حلَّا، إذ تتيح خدمة غير متقطعة من دون بطاريات كبيرة على متن الحافلة. ولكن يمكن أن تؤدي هذه الطرق السريعة في الشحن إلى إجهاد شبكات الطاقة وزيادة في التكاليف في حال تم استخدامها خلال فترات ذروة الطلب على الكهرباء. 

 

وقد طبق الفريق البحثي نموذجه على "غويلف"، وهي شبكة نقل معقدة متعددة المراكز في مقاطعة أونتاريو الكندية، حيث يُعد النموذج الذي طوره الفريق نموذجًا متقدمًا فيما يتعلق بتحقيق الاستفادة القُصوى، إذ يوازن بين عوامل الكُلفة والمرافق والانبعاثات للحافلات الكهربائية ذات البطاريات ويتضمن ذلك تحليلًا مُفصلًا لترتيبات أساطيل الحافلات وجداول الشحن والاحتياجات المتعلقة بالبنية التحتية. ويعمل النموذج في سياق القيود الناتجة عن شبكة المرافق، بالنظر إلى تعريفات استهلاك الكهرباء وانبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري المقترنة باستخدام الحافلات. 

 

وقال الدكتور إيهاب: "تتطلب منظومة الحافلات الكهربائية ذات البطاريات المثالي لشبكة "غويلف" سبعة محطات شحن واسطولًا موحدًا قُوُامُه 55 حافة، كل منها مزوَّدة ببطارية تبلغ طاقيته 150 كيلوواط/ ساعة. ويحتاج هذا النظام إلى تكلفة سنوية كبيرة تعود أكثرها إلى أسطول الحافلات نفسه. وعلى الرغم من ذلك، تعتبر المصروفات التشغيلية، والتي تُعد الكهرباء جزءًا رئيسًا منها، عالية جدًا أيضًا، مما يشير إلى أن توفر أسعار أفضل من الكهرباء قد يساهم في تحقيق توفير اقتصادي كبير".  

 

لقد أظهر النموذج قابلية للتطبيق ومرونة عند تطبيقه على "غويلف"، حيث اختار مواقع محطات الشحن على نحو استراتيجي استنادًا إلى اشتراكها في مسارات عديدة وجمع ما بين استراتيجيتي الشحن على الطريق والشحن المسبق لتقليل الكُلفة وضمان كفاءة المنظومة. 

 

وأضاف: "تتفق استراتيجية الشحن المُقترحة في نموذجنا مع مفاهيم عديدة: كافة الشواحن مشتركة بين الحافلات، يمكن لكل حافلة أن تختار الشحن من الشواحن المتوفرة (بمعدلات طاقة مختلفة) على امتداد مساراتها، الشحن الجزئي ممكن، ومن المفترض أن تكون كل مرة شحن مستمرة. وتضمن كافة هذه المفاهيم موثوقية استراتيجية الشحن الناتجة وتحقيق الاستفادة المُثلى من استخدام كافة الموارد". 

 

وتُبشر قدرة النموذج على التكيف مع معايير البيانات الخاصة بوسائل النقل بإمكانية تطبيقه على نطاق واسع، إلا أن الفريق البحثي يقر بالحاجة إلى المزيد من الأبحاث كي تغطي الشكوك المتعلقة بالتشغيل وفعالية منظومة النقل عند تعرضها للاضطرابات والتأثيرات الناجمة عن تآكل البطارية بمرور الوقت. 

 

يتطلب دمج  الحافلات الكهربائية ذات البطاريات في منظومة النقل تخطيطًا دقيقًا واستخدامًا أمثل. ويتيح النموذج إطار عمل محكم للجهات المعنية بقطاع النقل لتصميم وتطبيق نُظُم الحافلات الكهربائية ذات البطاريات التي تتسم بكونها فعالة من ناحية التكلفة وآمنة على البيئة وموثوقة.