فريق بحثي من جامعة خليفة يستعين بالأنظمة الذكية للتنبؤ باستقرار الطاقة الكهربائية

إن عملية نقل الكهرباء من محطات توليد الطاقة إلى منازلنا أو شركاتنا ليست دائمًا عملية سلسة، حيث يواجه مشغلو الشبكة مهمة معقدة تتمثل في موازنة كميات الكهرباء التي يتم تغذيتها في الشبكة مقابل كميات الكهرباء المستهلكة، وذلك حفاظاً على استقرار منظومة توزيع الطاقة. وأصبح هذا التوازن أكثر صعوبة في ظل دخول المزيد من مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى شبكات التغذية.

ولمواجهة هذا التحدي، تعاون فريق بحثي من جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا تحت إشراف الدكتور محمد المرسي​​، أستاذ الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر، مع شركة أبوظبي للنقل والتوزيع (ترانسكو) والشركة الكندية "مانيتوبا هيدرو إنترناشونال" لتطوير برنامج إلكتروني يعمل على تسريع عملية التنبؤ باستقرار نظام الطاقة وزيادة دقتها. وضم الفريق كلا من شفيق قمر الزمان، مهندس باحث، والدكتور يونس اصبيح، زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه، والدكتور خالد البسيوني، أستاذ علوم الكمبيوتر.

وبما أن الحفاظ على التوازن بين عمليتي توليد الطاقة واستهلاكها في الشبكة الكهربائية يعد أمرًا معقدًا للغاية، لا سيما لدى تركيب مصادر جديدة متقطعة للطاقة كالطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح، يمكن أن تؤدي التغييرات الصغيرة في شبكات الطاقة الناتجة عن تقلبات الأحمال أو التقطع في موارد الطاقة المتجددة إلى الإخلال بالتشغيل الآمن لنظام الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، تتعرض شبكات الطاقة بشكل متكرر لأعطال وفشل في المعدات، سواء بصورة مؤقتة أو دائمة، ما قد يؤدي إلى زيادة عدم استقرار النظام إذا لم يتم اتخاذ إجراءات المراقبة والتحكم في الوقت المناسب، مما يجعل تزويد مشغلي الشبكة بالأدوات اللازمة أمراً ضرورياً للحفاظ على التشغيل المستقر للشبكة وضمان قدرتها على مواجهة الأعطال والمشاكل المختلفة.

وقام الفريق البحثي من جامعة خليفة ببناء نموذج موحد للتنبؤ باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وذلك بهدف ضمان دقة وسرعة التنبؤ باستقرار شبكة العبور عند حدوث أي تعطل في نظام الطاقة.

ويوضح الدكتور المرسي هذا الأمر قائلا: "تخضع استجابة نظام الطاقة لمجموعة من المعادلات التفاضلية والجبرية غير الخطية، والتي تصف سلوك المولدات وأنظمة التحكم والأحمال المرتبطة بها، فضلاً عن توصيف مولدات الطاقة المتجددة، وأجهزة نقل التيار المتردد.

وتتباطأ مولدات الطاقة في المحطة بما في ذلك المولدات الدوارة عند زيادة الحمل الإجمالي لنظام الطاقة بصورة مفاجأة، مما يستدعي حل المعادلات الرياضية التفاضلية والجبرية لتحديد مقدار القوة المطلوبة لإعادة مولد الطاقة بالمحطة إلى حالة مستقرة.

وأضاف الدكتور المرسي: "حين يمر نظام الطاقة بتغيرات صغيرة، يمكن للنموذج الرياضي تحديدها خطياً حول نقطة التوازن من أجل دراسة استقرار النظام. إلا أن حدوث أي اضطراب شديد في هذه العملية قد يؤدي إلى تغيير في مولدات الطاقة بما يتجاوز قدرة النموذج الخطي على وصف الديناميكات غير الخطية وبالتالي حل النموذج عدديًا من خلال المحاكاة.

وتُستخدم محاكاة المجال الزمني للمساعدة في حل هذه التحديات الأكثر تعقيدًا. كما أنها تصف بدقة سلوك شبكة عبور الطاقة، فضلاً عن تحملها لأعباء حسابية كبيرة عند تطبيقها على أنظمة حقيقية تتطلب أطر عمل مناسبة لتقييم الأمان الديناميكي والتحكم فيه بشكل آني.

وعن هذا قال الدكتور المرسي: "على الرغم من أن محاكاة المجال الزمني تساعد في تقييم دقيق لاستقرار شبكة العبور، إلا أنها تتطلب وقتًا وجهدًا حسابياً كبيراً، خاصةً لأنظمة الطاقة الكبيرة التي تتعامل مع عدد هائل من حالات الطوارئ ونقاط التشغيل.

وعن هذا قال الدكتور المرسي: "على الرغم من أن محاكاة المجال الزمني تساعد في تقييم دقيق لاستقرار شبكة العبور، إلا أنها تتطلب وقتًا وجهدًا حسابياً كبيراً، خاصةً لأنظمة الطاقة الكبيرة التي تتعامل مع عدد هائل من حالات الطوارئ ونقاط التشغيل.

ويعتمد النموذج الذي صممه الفريق نهجًا موحدًا للتنبؤ خاصة حين يتعرض النظام لاضطرابات. كما قاموا بتطوير شبكة عصبية بالاستناد إلى مجموعة من استجابات شبكة العبور التي شوهدت عبر كامل نظام الطاقة، وبناء على مجموعة واسعة من بيانات ظروف التشغيل. ويوفر هذا النموذج تنبؤاً سريعاً ودقيقاً بحالة استقرار شبكة العبور عند تعطل نظام الطاقة. وفي حال عدم استقرار النظام، يقوم نموذج التنبؤ بتحديث مشغل نظام الطاقة بإجراء عمليات التحكم اللازمة.

ومن جانبه قال الدكتور سرور محمد العريفي، مهندس تخطيط أول بشركة ترانسكو وعضو في فريق المشروع: "إن نجاح فريق مشروع جامعة خليفة وخلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا في تصميم وبناء جهاز متكامل لتقييم استقرار شبكة العبور يعمل على تقنية الذكاء الاصطناعي ويتميز بمرونة ودقة عاليتين وحصولهم على براءات اختراع لهذا الابتكار يشكل إنجازا نوعياً، وبفضل هذا الجهاز يمكننا الآن تقييم استقرار أنظمتنا للطاقة بما يشمل جميع الشبكات الداخلية من خلال عمليات محاكاة قصيرة تصل إلى 200 مللي ثانية وذلك بالمقارنة مع 30 إلى 35 ثانية تم تسجيلها سابقاً، مما سيسمح لنا بأداء مهام مختلفة كالمراقبة السريعة للطوارئ، والتعامل مع المولدات وخطوط النقل وسيناريوهات أعطال المحولات بكفاءة. ونأمل أن يصبح هذا الجهاز وسيلة مركزية لمشغلي الأنظمة لدينا."