تُقدّم تكنولوجيا البلازما منهجًا جديدًا في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مشاريع كبرى ولكن يتطلب تصميم مفاعلات البلازما فهمًا شاملًا لمُعَلّمات البلازما
الاستفادة من تكنولوجيا بلازما الموجات الميكروية في تحويل ثاني أكسيد الكربون

تهدف تكنولوجيات التقاط الكربون واستعماله إلى تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود ومواد كيميائية قَيِّمَة أخرى،  وفي هذا الصدد، يستكشف الأستاذ الدكتور شو باو  لوكي بجامعة خليفة، ضمن فريق بحثي يضم باحثين من جامعات أخرى، الإمكانيات التي تُميّز تكنولوجيا بلازما الموجات الميكروية فيما يتعلق بتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون، وذلك في ظل الارتفاع المستمر في حجم انبعاثات هذا الغاز على مستوى العالم، الأمر الذي يرفع الطلب على التكنولوجيات المُبتَكَرة للتخفيف من حدة الانبعاثات الكربونية.

 

قام الفريق البحثي بمحاكاة نموذج لمفاعل بلازما الموجات الميكروية لتحسين استخدام هذه التكنولوجيات في تطبيقات عملية، وقد استقصى أعضاء الفريق البحثي معايير ومُعلَّمات البلازما كجهد الإلكترونات وكثافتها ودرجة حرارتها عند مستويات ضغط مختلفة عبر الوقت، وكشفت الدراسة أن كلًّا من درجة حرارة الإلكترونات وجهدها قد أظهرا سلوكيات متنوعة، بالتزامن مع استقرار كثافة الإلكترونات في نهاية المطاف، وتُعد هذه المعلومات مهمة لتصميم مفاعلات فعّالة للبلازما، وخاصة لتحويل ثاني أكسيد الكربون.

 

شمل الفريق البحثي الذي يشارك فيه الأستاذ الدكتور شو باحثين من جامعة تناجا الوطنية في ماليزيا وجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة وجامعة كوينزلاند المركزية في أستراليا، وقد نُشرِت نتائج الدراسة التي أجراها أعضاء الفريق في المجلة الأكاديمية العالمية "أبلايد إينرجي"، والتي تندرج في قائمة أفضل 1% من المجلات العلمية في مجال العلوم الهندسية والبيئية.

 

قال الأستاذ الدكتور شو: "يُعد التخفيف من حدة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون مسـألة مهمة جدًا، وقد طُوِّرَت تكنولوجيات عديدة للطاقة المتجددة للقيام بذلك، كما يُعد تحويل الغاز باستخدام البلازما بمثابة تكنولوجيا ناشئة في هذا الشأن، وهي تستقطب اهتمامًا متزايدًا."

 

يُطلق على البلازما عادًة وصف "الحالة الرابعة للمادة" بعد الحالات الثالثة المعروفة وهي الحالة الصلبة والسائلة والغازية، حيث تصبح جزيئات الغاز أكثر نشاطًا واستثارة وتتحرك بصورة حرة أكثر، عند تسخينه بدرجة كافية، وعند بلوغ الغاز درجة حرارة مرتفعة بما يكفي، تتفكك ذراته وتنفصل الإلكترونات عن نواة الذرة مُخلِّفَة ورائها جزيئات مشحونة تُعرف بأنها أيونات تحيط بها دوامة من الإلكترونات، تُسمّى البلازما.

وعندما تتفاعل الغازات الأخرى (كثاني أكسيد الكربون) مع البلازما، يحدث تفاعل كيميائي.

 

أوضح الأستاذ الدكتور شو: "يجري هذا التفاعل في مفاعل بلازما، وتتكون غالبية مفاعلات البلازما من زوجٍ من الأقطاب الكهربائية التي تثير شحنة كهربائية، حيث تقوم هذه الشحنة بعد ذلك بتنشيط الإلكترونات في جزيئات الغاز، وهو ما يؤدي إلى انتقالها بسرعة فائقة واصطدامها بجزيئات الغاز الأخرى. وكنتيجة لذلك، تتفكك هذه الجزيئات إلى ذرات."

 

يعمل تحويل البلازما على تسهيل التفاعلات الكيميائية التي تجري في ظل ظروف أكثر اعتدالًا بالمقارنة مع الطرق التقليدية، وتعزز بلازما الموجات الميكروية هذه العملية. وعلى عكس الطرق الأخرى التي غالبًا ما تتطلب درجات حرارة مرتفعة، تولّد بلازما الموجات الميكروية بلازما غير متزنة (أو باردة) وتعمل بفاعلية في مستويات منخفضة من الضغط الجوي، ما يجعلها أكثر أمنًا وكفاءة في استهلاك الطاقة. تستخدم هذه الطريقة الموجات الميكروية في تنشيط الإلكترونات في جزيئات الغاز، ما يؤدي إلى تفكك جزيئات غاز ثاني أكسيد الكربون مع طاقة تأين أعلى. يُعَد هذا الجانب جوهريًا للحفاظ على التكامل الهيكلي للمكونات المُحدَّدَة التي قد تتحلل في درجة الحرارة المرتفعة، ما يتيح قدرًا أكبر من المرونة والتحكم في عملية التحويل ويتيح أيضًا الانتقائية في إنتاج المنتجات النهائية المطلوبة.

 

تواجه تكنولوجيا بلازما الموجات الميكروية تحدياتٍ، على الرغم من كافّة جوانبها الواعدة، وخاصة فيما يتعلق بالتأقلم مع تطبيقاتها على المستوى الصناعي. طوَّر أعضاء الفريق البحثي نموذجًا لمحاكاة مُعلَّمات البلازما للمساعدة في تصميم مفاعلات البلازما لتحويل ثاني أكسيد الكربون، حيث سلّطوا الضوء على أن استكشاف منافذ غاز ومستويات ضغط مختلفة، بالإضافة إلى إدراج العوامل الحفازة في مفاعلات البلازما، قد يعزز الاستفادة من تحويل ثاني أكسيد الكربون ويدعم إجراء المزيد من البحوث المستقبلية للتركيز على تحسين مستويات الكفاءة والقدرة على التكيّف، ومن شأن التوسع في تطبيقات بلازما الموجات الميكروية لإنتاج مواد كالغرافين والألماس الصناعي أن يفتح أيضًأ آفاقًا جديدة لهذه التكنولوجيا.

 

ترجمة: سيد صالح