تسلط الضوء على التقييم التقني الاقتصادي والبيئي لإنتاج الهيدروجين من المنتجات الثانوية لمعالجة الغاز
دراسة جديدة من جامعة خليفة تستكشف آفاقًا جديدة لإنتاج الهيدروجين

برز الهيدروجين كحل محتمل لتلبية احتياجات العالم من الطاقة بالتزامن مع توقع الخبراء زيادة حادة في الطلب، من 90 مليون طن في عام 2020 إلى حوالي 500 مليون طن أو أكثر بحلول عام 2050، إلّا أن قدرات الإنتاج الحالية تُعتبر متخلّفة كثيرًا عن هذه الأهداف.

 

قام فريق من الباحثين من مركز البحوث والابتكار في الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون بجامعة خليفة بدراسة الجدوى التقنية والاقتصادية والآثار البيئية لدورة حياة إنتاج الهيدروجين من الميثان وكبريتيد الهيدروجين على نطاق واسع، حيث ركز كل من الأستاذة الدكتورة لورديس فيغا والدكتور أحمد الحاج، أستاذ مساعد والدكتور إسماعيل الخطيب، زميل دكتوراه وسوسن علي، طالبة دكتوراه، على عمليات إنتاج الهيدروجين الحرارية غير المحفّزة القائمة على كبريتيد الهيدروجين وقياسها مقابل العمليات التقليدية والناشئة باستخدام الميثان.

 

تؤكد النتائج التي توصلوا إليها على الطبيعة الدقيقة والديناميكية لإنتاج الهيدروجين على نطاق واسع كما نُشرت هذه النتائج في مجلة "جورنال أوف كلينر برودَكشن"، المعنية بالبحوث متعددة التخصصات حول الإنتاج الأنظف والتي تندرج في قائمة أفضل 1% من المجلات العلمية.

 

قالت الدكتورة لورديس: "يعد الانتقال نحو اقتصاد طاقة عالمي مدعوم بالهيدروجين أحد الحلول لضمان طاقة نظيفة وبأسعار معقولة، مع زيادة التدابير المناخية التي تهدف إلى التخفيف من آثار تغير المناخ."

 

يتميّز الهيدروجين بعدم تسبّبه في انبعاثات مباشرة لثاني أكسيد الكربون عند استخدامه كوقود، ويُمكنه أن يشكل حلًا لتخزين الطاقة كما تفعل الطاقة المتجددة، كما أنه يمتلك إمكانات هائلة كوقود في الصناعات التي يصعب التخفيف منها مثل النقل الثقيل والمواد الكيميائية وصناعة الحديد. وفي هذا الصدد، يهدف الفريق البحثي إلى تسليط الضوء على رحلة الانتقال نحو اقتصاد الطاقة المدعوم بالهيدروجين من خلال مقارنة تكلفة التكنولوجيات المختلفة لإنتاج الهيدروجين وأدائها.

 

أضافت الدكتورة لورديس: " تُعتبر القدرات الإنتاجية الحالية بعيدة كل البعد عن تلك المطلوبة، على الرغم من الزخم من أجل دمج الهيدروجين في رابطة الطاقة، ما يجعل العقد المقبل حاسمًا لضمان إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون واستخدامه، وهذا يتطلب تسهيل زيادة القدرات الإنتاجية وتجديد التكنولوجيات الحالية في القطاعات الصناعية المستهدَفة لاستخدام الهيدروجين.”

 

وتوجد بالفعل العديد من العمليات والتكنولوجيات لإنتاج الهيدروجين بمستويات متفاوتة من الكفاءة والتكلفة والتأثير البيئي. ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، تعتمد أكثر من 95% من عمليات إنتاج الهيدروجين الحالي على الوقود الأحفوري، وتم الحصول في عام 2020 على ما يقرب من 72% من الهيدروجين المُنتَج عالميًا باستخدام الإصلاح البخاري للميثان من الغاز الطبيعي، دون التقاط ثاني أكسيد الكربون. يعد الإصلاح البخاري للميثان حاليًا الخيار الأكثر قابلية للتطبيق من الناحية التجارية لإنتاج الهيدروجين، ولكن يأتي هذا على حساب ارتفاع الانبعاثات المباشرة لثاني أكسيد الكربون، وهو ما يمثل 2.5% من جميع انبعاثات  ثاني أكسيد الكربون في عام 2020.

 

قد يكون إنتاج الهيدروجين القائم على كبريتيد الهيدروجين بديلًا واعدًا ويكمل وسائل أخرى منخفضة الكربون لإنتاج الهيدروجين، مثل التحليل الكهربائي للماء بالطاقة المتجددة، ولكن غالبًا ما يُنظر إلى كبريتيد الهيدروجين على أنه منتج ثانوي لمعالجة الغاز يثير المشاكل، إلّا أنه يمكن لتكنولوجيات إنتاج الهيدروجين الجديدة أن تحول كبريتيد الهيدروجين إلى هيدروجين منخفض الكربون أو خال من الكربون، والحصول على الكبريت كمنتج ثانوي.

 

ومن منظور بيئي، يسلط تقييم دورة الحياة الضوء على انخفاض احتمالية حدوث الاحتباس الحراري في العمليات الناشئة كعملية الانحلال الحراري للميثان، ويرجع هذا إلى حد كبير إلى عدم وجود انبعاثات مباشرة لثاني أكسيد الكربون، ولكن تتميز هذه العمليات بحاجتها لكميات أكبر من المياه  نتيجة لمتطلبات التبريد المتزايدة.

 

علّقت الدكتورة لورديس مضيفة: "تعتمد نتائج هذا العمل على افتراضات محددة، بما في ذلك الاعتبارات الديناميكية الحرارية لكل عملية تمت دراستها على الرغم من كون هذه النتائج واعدة للغاية، لذا يجب أن تستكشف الأبحاث المستقبلية دور حركية التفاعل وطرق التفاعل المحفّز لتوفير صورة أشمل، ثم ستكون هناك حاجة إلى بيانات عملية واسعة النطاق للتطبيق على الصعيد الصناعي."

 

ترجمة: مريم ماضي