إزالة المبيدات السامة للأعشاب من المياه باستخدام مركبات بوليمرات مسامية جديدة

تتأثر جودة المياه بالعديد من العوامل الطبيعية، إلا أن الخطر الأكبر عليها يأتي من النشاط البشري، حيث يعتبر التعدين والتطور الحضري والزراعة من أكبر المؤثرات على تلك الجودة، بسبب توجيه المواد الملوثة الناتجة عن عملياتها المختلفة نحو المجاري المائية، وعند وصولها إلى مصادر مياه الشرب، تصبح تهديداً كبيراً لصحة الإنسان.

الباراكوات مادة كيميائية سامة تستخدم على نطاق واسع كمبيد للأعشاب بهدف السيطرة على نمو الحشائش والأعشاب الضارة التي تنمو إلى جانب المحاصيل الزراعية، وهي مركبات سريعة التأثير وغير مخصّصة، وخطيرة على البشر، وقد تم حظرها في العديد من البلدان، نظراً لآثارها العصبية وسُمّيتها. وعلى الرغم من ذلك، ما تزال الباراكوات إحدى أكثر مبيدات الأعشاب استخداماً في جميع أنحاء العالم.

ومع ارتفاع أعداد السكان حول العالم، من المتوقع أن يزداد استخدام مبيدات الآفات الزراعية والأعشاب لحماية المحاصيل، بالنظر إلى اعتماد أساليب الزراعة المكثفة والمتواصلة على المواد الكيميائية، بما يسهم في إبقاء المستويات السائدة للمبيدات في البيئة ثابتة عند مستويات خطيرة.

ومن هنا، فإن إزالة الباراكوات من مياه الصرف الزراعية أمرٌ بالغ الأهمية لحماية البيئة وصحة الإنسان، إلى جانب توفير الدعم للأمن الغذائي في الوقت نفسه. وتعتمد الجهود التقليدية لتصفية الباراكوات على مواد مصنوعة من الطين ومواد هجينة أخرى، إلا أن هذه المواد بطيئة المفعول ولا يمكن إعادة استخدامها بسهولة، بما يدفع تجاه البحث عن مواد جديدة.

والآن، طوّر الدكتور دينيش شيتي، أستاذ الكيمياء المساعد في جامعة خليفة، بالتعاون مع مجموعة طرابلسي البحثية في جامعة نيويورك أبوظبي، تركيبة بوليمرات جديدة قادرة على امتصاص الباراكوات من الماء بشكل أكثر كفاءة من المواد التقليدية.

قام الباحثون بتطوير بوليمرات (بوليكاليكسارين) مع جزيئات متعددة الحلقات بتركيبة تحوي على تجاويف كارهة للماء (وهي مناطق تصد الماء) قادرة على احتجاز جزيئات أو أيونات أصغر. وتعمل مركبات (بوليكاليكسارين) كممتصّات فائقة، بفضل هيلكها المسامي ثلاثي الأبعاد غير القابل للانحلال تماماً في الماء، والقادر على استخراج جزيئات الباراكوات السامة بشكل انتقائي. وأتاحت هذه النوعية الفريدة من الجزئيات مجالاً أمام الباحثين لاستخدام نظائر مختلفة من (الكاليكسارين) مع زيادة أحجام التجاويف. وكلما ازداد حجم التجاويف، زادت قدرة الباراكوات على الالتصاق بها، بما يتيح التخلص منها في النهاية. والأهم من ذلك، إمكانية إعادة استخدام البوليمرات بسهولة عبر طرق الغسيل البسيطة، وهي تتفوق بذلك على مركبات الكربون المنشط التجارية المستخدمة حالياً.

وأوضح الدكتور شيتي: "بفضل الكيمياء التي توفرها جزيئات (الكاليكسارين)، يمكننا إنشاء تكوينات معقدة تلتقط الباراكوات في الماء لتقوم بالتفوق على البوليمرات العضوية الأخرى، لتتجاوز قدرات الكربون المنشط والزيوليت وأنواعاً أخرى من التركيبات الطينية التي تم استخدامها سابقاً. كما يمكن إعادة تدويرها بسهولة، بما يعني إمكانية تكرار استخدام بوليمراتنا دون خسارة كبيرة في كفاءتها على التشرّب".

يشغل الدكتور شيتي عضوية مركز الفصل والتحفيز في جامعة خليفة، وهو واحد من 18 مركزاً بحثياً متخصصاً في جامعة خليفة، يهدف إلى تطوير حلول عملية لتحديات الهندسة الكيميائية التي يواجهها عدد من القطاعات اليوم.