باحثون في جامعة خليفة يكشفون عن مرض باركنسون باستخدام تقنيات التعلم العميق وبيانات الهاتف الذكي

يعتبر مرض باركنسون المرض الثاني الأكثر شيوعاً في مجال الاضطرابات العصبية بنسبة إصابة أكثر من %1 من السكان الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً. وتبدأ أعراض المرض في معظم الأحيان بارتعاش اليد والذي عادة ما يكون واضحاً، ومع مرور الوقت يؤثر المرض على حركة الفرد وتوازنه والتحكم بعضلاته مسبباً فقدان القدرة الحركية، حيث يتم تشخيصه في المراحل المبكرة لمرضى باركنسون، إلا أن التقنيات الطبية المستخدمة في رصد المرض في مراحله الأولية غير فعالة.

 وفي هذا الإطار، قام باحثون من جامعة خليفة، وبإشراف الدكتور ليونتيوس هادجيليونتيادس، أستاذ الهندسة الطبية الحيوية، بتطوير أداة لتشخيص الأعراض المبكرة لمرض باركنسون عند الأفراد وإرسال إشعارات بذلك عبر أجهزة الهواتف الذكية.

وقدم الدكتور ليونتيوس، وبالتعاون مع باحثين من اليونان وألمانيا والمملكة المتحدة، إطاراً للتعلم العميق يقوم بتحليل البيانات التي يتم التقاطها بشكل دقيق أثناء استخدام الهاتف الذكي، حيث تم نشر نتائج البحث في المجلة العلمية المرموقة "ساينتيفك ريبورتس".

من جانبه، قال الدكتور ليونتيوس: "تساهم أجهزة الهواتف الذكية في زيادة مستوى الوعي في مجال الرعاية الصحية من خلال استخدام البيانات اليومية في تشخيص الأمراض دون إشراف الطبيب، حيث توفر الهواتف الذكية كماً كبيراً من البيانات التي تكشف عن الأنماط المرتبطة بالحركة والإدراك. فعلى سبيل المثال، تشير الفترة الزمنية الواقعة بين الضغط على أي مفتاح في الهاتف وتركه إلى معلومات محتملة حول إصابة الفرد بمرض باركنسون".

ويدل معدل الوقت ما بين الضغط على زر الهاتف وتركه على سرعة دماغ الفرد في التحكم بالعضلات. فعندما يبدأ الجسم بالحركة تقوم القشرة الحركية في الدماغ بإرسال إشارات إلى الخلايا العصبية في النخاع الشوكي لتنشيط العضلات، ويعتبر الدوبامين واحداً من الناقلات العصبية التي تطلق سلسلة الأحداث لإنتاج حركة أو شعور أو فعل. أما بالنسبة لمرضى باركنسون فالأمر مختلف، فالخلايا التي تنتج مادة الدوبامين تصبح خاملة مما يؤدي إلى حدوث مشاكل في الحركة، وتظهر الأعراض تدريجياً بداية بارتعاش بعض الأطراف وعدم القدرة على المشي اضطرابات حركية أخرى.

وأضاف الدكتور ليونتيوس: "يساهم الكشف عن الارتعاشات الطفيفة في بداية المرض في التشخيص المبكر للحالة والذي يتيح الفرصة لنا بتطبيق الاستراتيجيات في وقت مبكر. لذلك، قمنا بالاستفادة من الهاتف الذكي الذي يتميز بسهولة التقاط البيانات، لا سيما عند ربط مفاتيح الكتابة في الهاتف بناقل متخصص وفعال قادر على وصف المتغيرات الناجمة عن الضغط على تلك المفاتيح".

وتستخدم القيم المتسارعة لوحدة قياس القصور الذاتي، والمكونة من أجهزة استشعار الهاتف الذكي، في رصد ارتعاش اليد عبر جمع البيانات من المستخدم أثناء تفاعلاته اليومية على الهاتف والتي تتمثل بإجراء المكالمات وكتابة الرسائل.

وتوفر تلك البيانات عند دمجها مع تقنيات التعلم العميق أداة جديدة قادرة على تشخيص المرض بمراحله المبكرة عن بعد وبفعالية تامة، حيث أثبتت تقنيات التعلم العميق قدرة كبيرة في استخراج البيانات الإيضاحية كالصور، كما أكد الفريق البحثي على إمكانية الاستفادة من هذه التقنيات في مجال تحديد كمية المعلومات الناجمة عن الكتابة على شاشة اللمس المتصلة مع النتائج السريرية.

وفي سياق تشخيص المرض، تقوم خوارزميات التعلم العميق برصد الحالة المرضية عن طريق ماسحات تصوير الرنين المغناطيسي التي يتم من خلالها تسجيل الارتعاشات في وحدات قياس التسارع وحالة الصوت عبر الإشارات الصوتية.

وقال الدكتور ليونتيوس: "قمنا بمحاولة الكشف عن مرض باركنسون باستخدام منهج متعدد الأعراض يقوم على دمج البيانات من مستشعرات في هاتفين ذكيين عن طريق إطار جديد للتعلم العميق. ويتخذ منهجنا في سير عمله النسق الذي يتبعه طبيب الأعصاب في إعطاء النتائج المتعلقة بالارتعاش وفقدان القدرة الحركية، وهما أكثر أعراض المرض شيوعاً".

وتعتبر عملية الكشف عن مرض باركنسسون المؤتمتة عملية ليست جديدة، حيث تم اختبار العديد من المستشعرات في مجال التقاط بعض الأعراض، كمستشعرات وحدة قياس القصور الذاتي المستخدمة في جمع البيانات المتعلقة بتغير طريقة مشي المريض والنطق ومدى مرونة مفاتيح الكتابة وأدوات الكتابة الأخرى التي تحدد ضعف القدرة الحركية، حيث يتمثل القاسم المشترك بين جميع هذه الدراسات في محاولاتها بالتوصل عن كشف المرض عبر عَرَض واحد.

وفي هذا الصدد، حقق الفريق البحثي فعالية في الكشف عن مرض باركنسون بنسبة بلغت %92.8 ودقة وصلت نسبتها إلى %86.2، حيث أثبت الباحثون جدارتهم في كفاءة أداء إطار العمل الذي طوروه والذي تضمن أيضاً بيانات إضافية في الهيكل نفسه كالبيانات المتعلقة بالنطق.

يذكر أن هذا المشروع البحثي يعتبر خطوة أولى في اتجاه تطوير نظام يحظى بقدرة عالية في مجال الكشف عن مرض باركنسون عن بعد بهدف استخدامه والاستفادة منه في رصد أعراض المرض في وقت مبكر وبالتالي حث الأفراد على زيارة الطبيب.